التفاصيل
أرقام الجرائم وإحصائياتها

أرقام الجرائم وإحصائياتها

القاضي إياد محسن ضمد

2023-02-27 11:04:00

كثيرا ما تناولت النظرية الايكولوجية في علم الاجتماع السلوك الإجرامي وربطت بين ذلك السلوك وبين التفكك الاجتماعي الذي يعيشه الناس جراء نمو المدن، واهتمت تلك النظرية بدراسة أسباب الجريمة من خلال توزيع الجرائم على الخارطة الجغرافية لمعرفة المدن والأقاليم التي تتركز فيها الجرائم ولمعرفة جرائم الحضر وجرائم الريف واكتشاف أسباب كل منها ومن ثم معالجتها وليس ذلك التوزيع إلا اهتماما بالجانب الإحصائي للجرائم.

ومثلما تهتم الدول بكشف الجرائم وتعاقب مرتكبيها، تهتم كذلك بالجوانب الإحصائية والرقمية لتلك الجرائم لمعرفة أعدادها وإجراء التصنيفات الفرعية لها ومعرفة الأسباب التي تقف وراءها لمعالجتها بوضع السياسات الوقائية منها، وأكاد اجزم أن الدولة العراقية ليست من الدول التي تهتم بالجانب الإحصائي للجرائم فلا توجد مراكز أبحاث حكومية تتابع تلك الأرقام سنويا ومن ثم تقوم بتصنيف المجرمين والمدانين حسب الجنس والعمر والانحدار الاجتماعي.

والدولة لا تعرف عدد النساء ممن ارتكبن الجرائم قياسا بعدد الرجال وما هو نوع الجريمة الشائع ارتكابه من قبل النسوة.. لا تعرف كذلك كم نسبة الأحداث من العدد الكلي لمرتكبي الجرائم وما هو السن الذي تزيد عنده معدلات ارتكاب الجرائم.. ليست لدينا مراكز أبحاث تهتم بتحليل تلك الارقام لمعرفة الاسباب التي تقف وراء الجرائم وهل ان الفقر والعوز المادي هو الدافع الاكبر ام ان الانحدار الاجتماعي يمثل العامل الأبرز لارتكابها وما هو دور العامل الجغرافي وهل يؤشر الى ان عددا كبيرا من الجرائم ترتكب في مناطق جغرافية معينة.. ما هي نسبة جرائم الحق العام من العدد الكلي للجرائم وما هي نسبة جرائم الاعتداء على الأفراد وجرائم مخالفة الأنظمة والتعليمات من النسبة الكلية للجرائم كذلك فان مخرجات تلك البيانات والارقام يجب ان تشكل عاملا مهما عند صناع القرار وان يتم أخذها بعين الاهتمام عند وضع السياسات التنفيذية والتشريعية لمعالجة تلك الأسباب بما يضمن انخفاض معدلات الجريمة في سنوات لاحقة.

على الدولة ان تعرف إحصائيات الجرائم لمعرفة مقدار ما تنفقه بسببها وما يجب عليها أن ترصده في الميزانيات لمعالجة أسباب الجرائم وللوقاية منها وان ذلك يمثل الاثر الاقتصادي والمالي للجرائم على ميزانية الدولة، كل ذلك على الدولة ان تعرفه إحصائيا ورقميا وان تهتم بإنشاء المراكز البحثية لتحليل البيانات ورفعها لصناع القرار ومن ثم معالجة أسباب زيادة نسب الجرائم للوصول الى معدلات اقل للجرائم المرتكبة.